سورة الرعد - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرعد)


        


{ويسبح الرعد} وهو الملك المُوكَّل بالسَّحاب {بحمده} وهو ما يسمع من صوته، وذلك تسبيحٌ لله تعالى {والملائكة من خيفته} أَيْ: وتُسبِّح الملائكة من خيفة الله تعالى وخشيته {ويرسل الصواعق} وهي التي تَحْرِق من برق السَّحاب، وينتشر على الأرض ضوؤُه {فيصيب بها من يشاء} كما أصاب أربد حين جادل النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وهو قوله: {وهم يجادلون في الله} والواو للحال، وكان أربد جادل النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: أخبرني عن ربِّنا، أمن نحاسٍ أم حديد؟ فأحرقته الصَّاعقة {وهو شديد المحال} العقوبة أَي: القوَّة.
{له دعوة الحق} لله من خلقه الدعوة الحقُّ، وهي كلمة التَّوحيد لا إله إلاَّ الله. {والذين يدعون} يعني: المشركين يدعون {من دونه} الأصنام {لا يستجيبون لهم بشيء إلاَّ كباسط} إلاَّ كما يستجاب للذي يبسط كفيه يشير إلى الماء، ويدعوه إلى فيه {وما هو ببالغه} وما الماء ببالغ فاه بدعوته إيَّاه {وما دعاء الكافرين} عبادتهم الأصنام {إلاَّ في ضلال} هلاكٍ وبطلانٍ.
{ولله يسجد مَنْ في السموات والأرض طوعاً} يعني: الملائكة والمؤمنين {وكرهاً} وهم مَنْ أُكرهوا على السُّجود، فسجدوا لله سبحانه من خوف السَّيف، واللَّفظ عامٌّ والمراد به الخصوص {وظلالهم بالغدو والآصال} كلُّ شخصٍ مؤمنٍ أو كافرٍ فإنَّ ظلَّه يسجد لله، ونحن لا نقف على كيفية ذلك.


{قل} يا محمد للمشركين: {من ربُّ السموات والأرض}؟ ثمَّ أخبرهم فقل: {الله} لأنَّهم لا ينكرون ذلك، ثمَّ ألزمْهم الحجَّة فقلْ: {أفاتخذتم من دونه أولياء} تولَّيتم غير ربِّ السَّماء والأرض أصناماً {لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرَّاً} ثمَّ ضرب مثلاً للذي يعبدها والذي يعبد الله سبحانه، فقال: {قل هل يستوي الأعمى} المشرك {والبصير} المؤمن {أم هل تستوي الظلمات} الشِّرك {والنور} الإِيمان {أم جعلوا لله شركاء..} الآية. يعني: أجعلوا لله شركاء خلقوا مثل ما خلق الله، فتشابه خلق الشُّركاء بخلق الله عندهم؟ وهذا استفهامُ إنكارٍ، أَيْ: ليس الأمرُ على هذا حتى يشتبه الأمر، بل الله سبحانه هو المتفرِّد بالخلق، وهو قوله: {قل الله خالق كلِّ شيء}.
{أنزل من السماء ماءً} يعني: المطر {فسالت أودية} جمع وادٍ {بقدرها} بقدر ما يملأها. أراد بالماء القرآن، وبالأودية القلوب، والمعنى: أنزل قرآناً فقبلته القلوب بأقدارها منها ما رُزق الكثير، ومنها ما رُزق القليل، ومنها ما لم يُرزق شيئاً {فاحتمل السيل زبداً} وهو ما يعلو الماء {رابياً} عالياً فوقه، والزَّبَد مَثلُ الكفر. يريد: إنَّ الباطل- وإنْ ظهر على الحقِّ في بعض الأحوال- فإنَّ الله سيمحقه ويُبطله، ويجعل العاقبة للحقِّ وأهله، وهو معنى قوله: {فأمَّا الزبد فيذهب جفاء} وهو ما رمى به الوادي {وأمَّا ما ينفع الناس} ممَّا ينبت المرعى {فيمكث} يبقى {في الأرض} ثمَّ ضرب مثلاً آخر، وهو قوله: {وممَّا يوقدون عليه في النَّار} يعني: جواهر الأرض من الذَّهب والفضَّة والنُّحاس وغيرها ممَّا يدخل النَّار، فتوقد عليها وتتخذ منها الحُلِيُّ، وهو الذَّهب والفضَّة، والأمتعة وهي للأواني، يعني: النُّحاس والرَّصاص وغيرهما، وهذا معنى قوله: {ابتغاء حلية أو متاعٍ زبدٌ مثله} أَيْ: مثل زبد الماء. يريد: إنَّ من هذه الجواهر بعضها خبث ينفيه الكير. {كذلك} كما ذُكر من هذه الأشياء {يضرب الله} مثل الحقِّ والباطل، وهذه الآية فيها تقديمٌ وتأخير في اللَّفظ، والمعنى ما أخبرتك به.
{للذين استجابوا لربهم} أجابوه لى ما دعاهم إليه {الحسنى} الجنَّة {والذين لم يستجيبوا له} وهم الكفَّار {لو أنَّ لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به} جعلوه فداء أنفسهم من العذاب {أولئك لهم سوء الحساب} وهو أن لا تُقبل منهم حسنة، ولا يتجاوز عن سيئة.
{أفمن يعلم أنَّ ما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى} نزلت في أبي جهل لعنه الله، وحمزة رضي الله عنه {إنما يتذكر} يتَّعظ ويرتدع عن المعاصي {أولوا الألباب} يعني: المهاجرين والأنصار.
{الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق} يعني: العهد الذي عاهدهم عليه وهم في صلب آدم.
{والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل} وهو الإِيمان بجميع الرُّسل.


{والذين صبروا} على دينهم وما أُمروا به {ابتغاء وجه ربِّهم} طلب تعظيم الله تعالى {ويدرؤون} يدفعون {بالحسنة} بالتَّوبة {السيئة} المعصية، وهو أنَّهم كلَّما أذنبوا تابوا {أولئك لهم عقبى الدار} يريد: عقباهم الجنَّة.
{جنات عدن يدخلونها ومَنْ صلح من آبائهم} ومَنْ صدَّق بما صدَّقوا به- وإن لم يعملْ مثل أعمالهم- يلحق بهم كرامةً لهم {والملائكة يدخلون عليهم من كلِّ باب} بالتَّحيَّة من الله سبحانه، والهدايا.
{سلامٌ عليكم} يقولون: سلامٌ عليكم، والمعنى: سلَّمكم الله من العذاب {بما صبرتم} بصبركم في دار الدُّنيا عمَّا لا يحلُّ {فنعم عقبى الدار} فنعم العقبى عقبى داركم التي عملتم فيها ما أعقبكم الذي أنتم فيه.
{والذين ينقضون...} الآية. مُفسَّرة في سورة البقرة.
{الله يبسط الرزق} يُوسِّعه {لمن يشاء ويقدر} ويضيِّق {وفرحوا} يعني: مشركي مكة بما نالوا من الدُّنيا، وبطروا {وما الحياة الدنيا في الآخرة} في حياة الآخرة أَيْ: بالقياس إليها {إلاَّ متاع} قليلٌ ذاهبٌ يُتمتَّع به ثمَّ يفنى.

1 | 2 | 3 | 4